قصائد للشاعرة البولونية فيسوافا شمبورسكا ترجمة هاتف جنابي

 

شمبورسكا SZYMBORSKA-obit-jumbo
شمبورسكا Szymborska

 

 

هناك مِن الذين
Są tacy, którzy

 

هناك مَنْ يُؤدون حياتَهم بكفاءة
لديهم نظامٌ داخلَهم وحولهم
لكل شيءٍ طريقةٌ وإجابةٌ صائبة

يُخمّنون حالا، مَنْ هذا وذاك، مَنْ ومَع،
بأيّ هدفٍ، وفي أيّ اتجاه.

يختمون على الحقائق الوحيدة
يرمون الوقائع غير الضرورية لآلة التقطيع،
والأشخاصَ غيرَ المعروفين
إلى الأضابير المخصصة لهم سلفا.

يفكرون بحجم ما يهمهم
دونَ أيةِ لحظةٍ أطول
لأنّ وراء هذه اللحظة يقبع الشك.

وحينما يُسَرَّحونَ من الوجود
يُغادرون الموقعَ
من أبوابٍ محددة.

أحسدهم أحيانا
-لحسنِ الحظ أن هذا عابرٌ.

 

إلى قصيدتي الخاصة
Do własnego wiersza

في أحسن الأحوال
ستُقْرَئين بعناية،
سَيُعَلّقُ عليك وتُحْفَظين

في أسوأ الأحوال
سَتُقْرَئينَ فقط

الاحتمالُ الثالث-
ستُكتَبينَ في الواقع
لكنْ بعدَ ذلك سَتُرْمين إلى سلة المهملات

ما زال لديك احتمالٌ رابعٌ للاستفادة منه-
أنْ تَختفي دون أن تُكْتَبِي،
وأنتِ تُتَمْتِمينَ لنفسك بارْتِياح.

 

يد
Ręka

سبعةٌ وعشرون عظما
ثلاثٌ وثلاثون عضلة،
حوالي ألفي خليةٍ عصبية
في كل بصلةٍ من بصلات أصابعنا الخمس.
هذا يكفي تماما
لكتابة” كفاحي”
أو “كوخ بو”*.

 

تمثال إغريقي**
Grecki posąg

بمساعدة الناس وعناصر الطبيعة الأخرى
لم يكن عمل الزمن به سيئا.
في البدء أفقده الأنف، وبعده الجهاز التناسلي،
وفيما بعد الأصابع لدى اليدين وثمة القدمين،
وبمرور السنوات الكتفين، الواحدة تلو الأخرى،
الفخذ اليمنى والفخذَ اليسرى،
الظهرَ والوركين، الرأسَ والرّدفين،
وهذا الذي قد سقط، جزّأه الزمان على أجزاء،
على حطام، على حصباء، على رمل.

حينما يموت الحيّ بهذه الطريقة،
يتدفق كثير من دمه لدى كل طعنة.

بينما تموت التماثيل المرمرية بيضاءَ
وليس حتى النهاية دائما.

بقي الجذعُ من هذا الذي حوله الكلام،
والنفَسُ كما لو أنه احتبس أثناء جهد،
لأن عليه الآن
أن يجلب
لنفسه
كل فتنةِ وانتباهةِ
البقية المفتقدة.

وهذا ما يتحقق له،
هذا يتحقق له أكثر،
يتحقق ويُبهر،
يُبْهر ويدوم-
الزمن يستحق الثناء أيضا،
لأنه توقف في صنيعه
وأجّلَ شيئا ما لوقت لاحق.

 

——————
*هي مجموعة قصص ساحرة للأطفال على ألسنة الحيوانات للكاتب الإنكليزي
(آلن ألكسندر ميلن 1882-1956)، صدرت في 1928 في لندن(ه.ج).
**ترجمت القصائد الثلاث الأولى من ديوان “يكفي”، كراكوف 2012-آخر ديوان للشاعرة، وقصيدة “تمثال إغريقي”من ديوان” نقطتان”، دار نشر ألف 5، كراكوف 2005،
Hatif Janabi
[email protected]

 

SHARE