
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزي الفرعون خوفو
أنا أحد عبيدك، الذين بنوا الهرم
وهذه شذرة من رقعة
خطّها شاعر بناءً على رغبتي.
إذا لم يصلك الطلب في الوقت المناسب
سيقرأه الفرعون رمسيس الثاني أو نحتنبو الثاني
وإذا ما تأخر أكثر
سيقع تحت نظر حاكم
في ألفيات قادمة.
لكن ليس ثمّة مشكلة.
(الإله رع والألهة اللاحقون
بكرمهم اللامحدود سيهبوا العرب ديكتاتورًا
كي تصير العامة أكثر فقرًا والخاصّة أكثر غنىً.)
فبأمر منك أخذني الحرس إلى السجن
من أجل طلبٍ أحمق
-شاعت واحد في الشهر-
(في المستقبل سيقال جنيه واحد.)
كما أخبرتُ الكاتب، أنا واقع في مشكلة بسبب حبي لإمرأتي!
في كوخنا طعام قليل وبضع حباّت تمر
لكن يوجد الكثير من مرطبات الوجه والمراهم
أقلام أحمر الشفاه
كحل
حناء
للأظفار والأكفّ والأقدام
مرايا، ملاقط لنتف الشعر وعدّة تجميل
العطور للإله شيسمو، يا سيّدي الفرعون!
رغم كلّ مساحيق التجميل هذه
تشعر امرأتي بالإهانة.
لقد ارتدت سبعمائة حجاب على قلبها
العاري كصحراء
لا فائدة من باقات زهور اللوتس التي أرسلتها لها!
عبدٌ بين حجارة الهرم
يائس في جحيم البيت.
الملعون في سوق خان الخليلي
أين يتحدّث الناس عن كلّ شيء وخاصة عن القلاقل في تونس
لديه دراية برائحة غامضة لياسمين
طوّحت به ريح الشلوك
التي تختلط مع هواء مدينتنا الغير قابل للتنفس.
هادِروا الوقت يقولون أنّ عبق الياسمين
مساو لعطر كيفي عند الفراعنة
الذي كتب عنه المؤرخ بلوتارش
“ساعدَ الناس على النوم، ساعدَ على الحصول على أحلام جيدة،
يهدّيء، يزيح المتاعب اليومية بعيدًا،
يعطي احساسًا بالسكينة”.
ويحتوي على 16 مادة:
“عسل، نبيذ، زبيب، سعدة، راتنغ، لبان، عود ورد؛
يضاف إليه مستكة، قار، قصب معطّر، صبر،
عرعر، هيل، عود تابل…
وليس مصادفة، بل على حسب الوصفات المذكورة في الكتب المقدسة”.
(….) في وثائق أخرى يتكلمون عن 60 عنصرًا منها
الفستق، النعناع، القرفة، البخور….
(في التقرير اليومي للمخابرات العامة
جهاز المخابرات العامة الشهير
يمكنك قراءة:
(…) عن النكهات التي لم تعد موجودة الآن في القائمة،
هناك حاجة إلى بحث أكثر،
لأنها قد تحتوي
على مواد مهلوسة وبالتالي ضارّة!
(…) في الحقيقة، إن هيستريا مُعدية
انتشرت في شوارع القاهرة
مئات من النسوة قطّعن خُمرهنّ
وفي الهلوسات والضلالات
يصرخن “عقبالنا، عقبالنا”
حذف ……………
أيّها الإله خوفو
إن كنت لن تقرأ شكواي
فسوف أخبر
شاه ودكتاتورا من زمننا بكلّ صراحة،
أن المجتمع الذي نعيش فيه
ليس نظامًا فاشيًا
بل رواية مصورة في استوديوهات محطّات التليفزيون الغربية
لتشويه العالم العربي.
بعد قول هذا، النساء المصريات المجنونات
يرغبن في عطر الياسمين الملعون ذاك!
لكن أنا العبد الفقير، كيف لي الحصول على الجنيهات لأشتريه؟
تسعة عبيد، يائسون مثلي
أُحترقوا كمشاعل في ميدان التحرير
صاروا شهداء لزهرة!
أنْ يشعل المرءُ في نفسه النار صار آخر موضة في العالم العربي.
(ما ذكر سابقا، كُتب على صحيفة المصري اليوم
أثناء الربيع العربي
في 1432-1433 هجرية)
وفيما انتشرت الشتائم الشديدة على ألواح طين مجهولة
يا إله مليون من القوات الخاصة
التي كلّفت مليارًا من الجنيهات،
تقول الأمم المتحدة أنّ عبيدك يعيشون على أقلّ من دولارين في اليوم.
عليك أن تفهم أسرار ورسائل الناس
انسَ العاصمة الحديثة
التي ستبنى في قلب الصحراء بأموال سعودية.
كذلك إن كنتُ مخمورًا ومصدوما، يا سيدي،
الكلمات التي أمليها على الكاتب
هي الكلمات التي تخرج من فم نور الدين
نولدُ وليس معنا شيء
نموت ولا نأخذ معنا شيء
وبين ذلك
في الأبدية التي نصلها
في غمضة العين القصيرة
نجادل للحصول على شيء ما.
منذ أن شممتُ عفن رائحة غبار السجن
(لأنني سألتك جنيها)
آه، يا سيدي أعترف أنّ فتحتي أنفي
تسمعان الروائح، لعلّ تلك كانت آية
هكذا ظنّت حاسة الشم الجديدة.
كاتبي جلال الدين الرومي
الذي لم أقم بتقديمه لك بعد
يكتب في ختام الشكوى
دفاعا عني وعن مئات العبيد
الذين أُخذوا للمحاكمة في قاعات المحاكم أن
“ما تتنفسه من هواء القاهرة
ليس عبق ياسمين بل ورودًا مجرد ورودا”
والجذور والأغصان
عطر عَرق محمد
وبقوّته، ورْدُ الهلال
الآن صار قمرًا كاملاً.
للعبيد مثلنا،
جذور أرواحنا تجد معنى
من أرض أوهامنا الخصبة
سمادها أولئك الذين لا يملكون أيامًا
غير أيام الزنازين.
أصوات الأباء الأمّيون
دائما تعيد لنا
الآية 59 من السورة السادسة من القرآن
“وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ “﴿59﴾
قال لنا أسلافنا
“عن أبي هريرة
عن رسول الله
“لله تسعة وتسعون اسما
-مائة تنقص واحدا-
يحفظها فقط الذين سيدخلون الجنة.
الحقيقة هو لا شبيه له
هويحب الأشياء المألوفة”.
أنا في الجحيم ولا أعلم إن كنتُ سأذهب إلى الجنة،
إنْ شئت، إليك قائمة بالأسماء الحسنى.
الله الذي لا إله إلا هو | الرحمن | الرحيم | الملك | القدوس | السلام | المؤمن | المهيمن | العزيز | الجبار | المتكبر | الخالق | البارئ | المصور | الغفار | القهار | الوهاب | الرزاق | الفتاح | العليم | القابض | الباسط | الخافض | الرافع | المعز | المذل | السميع |البصير | الحكم | العدل | اللطيف | الخبير | الحليم | العظيم | الغفور | الشكور | العلي | الكبير | الحفيظ | المقيت | الحسيب | الجليل | الكريم | الرقيب | المجيب | الواسع | الحكيم | الودود | المجيد | الباعث | الشهيد | الحق | الوكيل | القوي | المتين | الولي | الحميد | المحصي | المبدئ | المعيد ا المحيي | المميت | الحي | القيوم | الواجد | الماجد | الواحد | الأحد | الصمد | القادر | المقتدر | المقدم | المؤخر | الأول | الآخر | الظاهر | الباطن | الوالي | المتعالي | البر | التواب | المنتقم | العفو | الرءوف | مالك الملك | ذو الجلال والإكرام | المقسط | الجامع |الغني | المغني | المانع | الضار | النافع | النور | الهادي | البديع | الباقي | الوارث | الرشيد | الصبور
أي ّمن الـ 99 مفتاح سيفتح باب ما لا يرى، أمرٌ محيّر!
المفتاح المائة
هو ما يفتح باب السجن على مصراعيه
أعلمُ أنك تملكه!
افتح تلك الأبواب، يا سيّدي الفرعون!
لا يقدر أحد على العيش في بلاد
فيها الحاكم بلا عينين
بينما الأبرياء يبكون ويصلون.
إذا كانت الوردات عَرق محمد
فإن عرق العمّال عطر خبز
يطعمون فم العالم!
اطلق سراح مَن في الأصفاد،
لا تستطيع سجن عطر الخبز!
شاعر ومترجم ليبي، النرويج
[email protected]